امرأة لا تخشي الوداع للكاتبة مروة احمد
انت في الصفحة 10 من 10 صفحات
من األحوال
كذلك أي فعل سيئ أو مؤذ لن يقوم صاحبه
بإصالحه هذا واجبك انتأن تصلح ما أفسده
أحدهم بداخلك وتتعلم الدرس من ذلكعندما
أتحدث عن فن التسامح فأنا اقصد ذلك النوع
من القوة التي تجعلك تفوض كامل أمرك هللوال
تشغل بالك بمصير المخطئ بحقكوال تتنازل
عن حقوقك المعلقةسامح واحصل على حقك
وهذا هو فن التسامح كما يجب أن يكون ثالثا
بأن األمر لم يكن يستحقولكن اعتذارك
ألحدهم ال يعنى بالضرورة بأنك المخطئ
وأنه على صواببل يعنى انك تحرص على
االحتفاظ بهذا الشخص في حياتك وانك ما
زل
ت متمسكا بوجودهلذا فإن اتقان هذا النوع
من الفنون يعتبر بمثابة هدية تقدمها لألخر
في اللحظات التي ربما أوشك بها الرصيد على
فا تكابر وبادر بتقديم اعتذارك مسرعافهذا
لن ينقص من قدرك ابدا بل يرفعه في عين
من أخطأت بحقهفإن كسب القلوب أوىل من
كسب المعاركوألنه يبدأ عنده وينتهي كل
شيء فإذا أتقنت فن االعتذار بالشكل والوقت
المناسب أتقن اآلخر فن التسامحأدى ذلك
الستمرار فنون الشكر.
تحتاج هذه الفنون للممارسة والتدريب عليها
منى أن أتقدم بكل الشكر إليكم من قلبي.
قلبا طيبا ووردة
كنت أطن حينما كنت طفلة أنه من السهل
على أي إنسان أن يتمتع بالطيبة وحسن المعاملة
وان الطباع الشخصية شيء يؤثر على الشخص
نفسه وال يتأثر بها من حولهكنت اقيس كل
شيء على مقياس التحصيل الدراسيفالمجتهد
مهندسا ليفيد المجتمعوبذلك هو شخص طيب
اما الشخص الكسول أو البطيء في التحصيل
والتعلم فهو ليس له نفعوبذلك هو شخص
ليس طيبوقد ال يكون شرير وقد يختلط
بالسيئين فيصبح مثلهموعليه فأن النظرة التي
كبرت بها للكون كانت ضيقة وظالمه للغاية
وانتظرتني الحياة خارج باب الجامعة حتى إذا
أنهيت تحصيلي الجامعي وتخرجتفتحت لي
كان هناك الكثير والكثير ألتعلمه.
أول درس قدمته لي الحياة كان عن معنى الطيبة
وعدم الطيبةوأنها ال تقاس أبدا بالمستوى العلمي
ألي شخص وال بالمستوى االجتماعي حتىوان
ما نسميهم طيبين ال يقفوا في الصفوف األمامية
وال على اليمين والباقي على اليسارأوىل دروس
الحياة لي كانت في عدم التصنيف والتالي كان
غير ذلك ولكنا مختلطين متشابكين في نسيج
واحد علمتني الحياة أيضا أن الطيبة ليست
شيء سهلألنك كي تكون طيبا ال ټؤذي أحدا
تحتاج إلى قوةنعم قوة نفسية كبيرة تمنعك
من اإليذاء عند المقدرةوتساعدك فقط على
أخذ حقك بالطرق المشروعةويالها من معركة
غير هينهحينما يتحداك أحدهم فما أن تبادر
بالرد حتى تراه ينهزم فا يكون أمامك إال أن
تملك زمام نفسك وترحم هذا الضعف الذي لم
تكن وضعته في المعادلةعلمتنى الحياة أن
قلبا طيبا وورده هما العاج والدواء الشافي
ألي مرض نفسي أو غضويوما زلت أتعلم
حتى اليوم وحتى آخر يوم في هذه الحياة
ألهديكم قلبا صادقا ووردة
على شجرة العنب أن تغادر
اجتمع الحلفاء ذات صباح في الحديقة الواسعة
يناقشون أمر حديقتهم كما يزعمون منذ عدة
أعوام حينما سيطرت بعض شجرات اليقطين على
الحديقةفهي لم تكن يوما حديقتهمكانت
حديقة غناء تحوى العنب والموز وشجيرات
البرتقالفي بداية موسمهاإال أنهم ذات يوم
قد قبلوا باستضافة شجرة يقطين واحدة ال مأوى
لها ومنقولة من أرضها ومھددة بالفناءكانت
شجرة الموز أول من عرضت عليها القدوم بعد
موافقة باقي الشجيرات بالحديقة.
وقد اتفقن جميعا على استقبال شجرة اليقطين
إال أن األمور تغيرت في السنوات األخيرة لتصبح
اليقطينة الواحدة اثنتان وثاثولم تكن
المشكلة في تكاثر اليقطين السريع ولكن
في قراراتها التي تتخذها معادية لباقي األشجار
كانت تتصدى لها شجرة العنب بحكمتها
الشهيرة وتدعوها دوما لفض الڼزاع والعودة الى
الحياة الهادئةلتظل حديقتهم واسعة غناء
ترحب بالجميعولكن!
نفوذ وسلطه شجر اليقطين الذي أصبح يزداد
بزيادة إعدادها ورغبتها الشديدة بالتحكم في
الحديقة أدى إلى ظهور ذلك القراروهو رحيل
شجرة العنب من هذه الحديقةوجدت نفسها
في هذه اللحظة عليها أن تغادر.
ثارت أشجار البرتقال والموز من أجل شجرة
العنب ولكن شجرة العنب أبت أن تجعل
الصراع يدب في الحديقة وأعلنت موافقتها
على المغادرة.
لم تهدأ الحديقة مع هذا القرار وهذا ما دعى
شجر اليقطين لعقد هذا االجتماع الطارئ فقد
قررت كل شجرات العنب والموز والبرتقال أن
تغادر مع شجرتهم الصديقة مما جعل اليقطين
يقف وحيدا في الحديقة الخالية.
إلى صديقة
صديقتيبعد خروجك من العاصفةممزقة
المشاعر منتفخة العيونشاحبة الوجه من األرق
الذي الزمك طويابعد مرورك بذلك كله
بمفردك وخروجك منه بمفردك أيضاتكتشفين
أن الجلوس مع نفسك والحديث إليها لم يكن
مرعبا بالقدر الذي تخيلتيهبالعكس كان مفيدا
لحد كبيرللحد الذي جعلك تقفين على
قدميك مجددالن تحتاج بعد هذه التجربة إلى
أشخاص من حولك لمساعدتك على الخروج
من العاصفةعلى األقل العاصفة التالية أو قد
تحتاجين أشخاصا من نوع آخر النوع الداعم
كاألصدقاء الحقيقينالذىن هزموا العاصفة
بداخلك وانتصرت بهم على چرح الكبرياءأما
أولئك مدعون الفرح المتقربون لك ويريدونك
دوما في أزهى أحوالك هاربين منك اذا مررت
ببؤس أو ألم فاجعليهم مكان ما أرادو ستجدينهم
متواجدين في بهجتك دون دعوة منكستجدينهم
وتعرفينهم دون جهد يذكردعيهم لما اختاروا
ودعيك مما قاموا به وال تعط ألحدهم فرصة
إلطفاء ولو شمعة واحدة بداخلك.
العودة
وىف لحظة ما تكون أقرب إلى هذا العالم البعيد
من قربك إلى ما ظننت لعمر كامل انك تنتمي
إ ليه .
أدركت
معنى أن يفصلك بين هذا وذاك خطوة
واحدةأدركت وشعرت كيف يختار الناس
الذهاب إلى هناك بكل أريحية وبساطه وقد
كنت منهم واخترت أن اعبر هذه الخطوة الباقية
ولكن!
منعني قرار أحدهم لي بالبقاء.
نعم في تلك اللحظة يتغير القدر وتعود قبل أن
يأخذك المدى كليا بقرار صادق من احدهم.
وال أعلم إلى اآلن كيف حدث ذلك ولكن
ابنتي استطاعت أن توقفني عن الذهاب وهى
ذات األربعة عشر ربيعا واآلن بعد العودة.
أشعر أن الحياة منحتني يوما أخر جديدا وان اهلل
وهبني أنفاسي من جديد.
فأدركت أن وجودك على قيد الحياة ليس باألمر
الهين وال التافه بل إنها منظومة ضخمة يقوم
بها الجسم حتى يحافظ على بقائك في هذا
العالم يوما بعد يوم ولقد حالفني الحظ وعدت
ألكتب عن تلك األمسية التي كنت اقضيها
بين مكانين قريبين لم أكن أعلم إلى األمس
أنهما بهذا التقارب.